الأحد، ٢١ يونيو ٢٠٠٩

مركز حماية يصدر دراسة "هل باتت القوانين المقيدة للحرية هي الملمح الوحيد للإعلام المصري " و يعلن عن حملة قومية لمناهضة قانون البث المسموع و المرئي

يصدر مركز حماية لدعم المدافعين عن حقوق الإنسان اليوم 21 يونيه 2009 دراسة بعنوان" هل باتت القوانين المقيدة للحرية هي الملمح الوحيد للإعلام المصري " ، حيث تنطلق الدراسة من التأكيد على حقيقة أساسية ضمن منظومة حقوق الإنسان و هي كون حرية الرأي و التعبير أحدي اللبنات الأساسية لأي مجتمع ، فهي تمثل مصدراً من مصادر الديمقراطية و الشرعية لأي نظام سياسي، كما أنها في ذات الوقت نبراساً سعت العديد من المواثيق الدولية و دساتير الدول الديمقراطية إلى التأكيد عليه ، و لذلك درج الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على التأكيد في متن مادته التاسعة عشر على " حق كل شخص في التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار، وتلقيها وإذاعتها بأي وسيلة كانت دون تقيد بالحدود"، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. و الذي أكد في مادته التاسعة عشر على أنه " لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة. و لكل إنسان حق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب أو في أية وسيلة أخرى يختارها".
و لكن رغم أهمية و جسامة هذا الحق يمكن القول أن العديد من الدول تعمدت على قمع و تقييد حرية الرأي و التعبير ، و لعل طرح مشروع قانون البث المسموع و المرئي يأتي نموذجاً حياً على هذا الأمر ، فقد طرحت الحكومة مشروع القانون سالف الذكر في أعقاب إخفاق مؤتمر وزراء الخارجية العرب في فبراير 2007 في إقرار وثيقة تنظيم البث الفضائي في المنطقة العربية والتي تقدمت بها كل من مصر والسعودية، حيث اعترضت عليها كثير من الدول مثل لبنان وقطر والإمارات والبحرين وغيرها.
و عليه عمدت الحكومة بدلاً من ذلك إلى طرح هذا القانون و الذي قوبل بموجة كبيرة من الانتقادات و الاعتراضات في الوسط الإعلامي المصري لتعمده منذ المادة الأولي منه إلى تقييد حرية الرأي و التعبير . فالتنظيم أمر ضروري و لكن دون تقييد حرية الرأي و التعبير .
و عليه يسعى مركز حماية إلى دراسة هذا القانون من كافة الجوانب من خلال هذه الدراسة و التي تتناول بالرصد و التوثيق و التحليل لهذا القانون من خلال ثلاثة أقسام رئيسية ، و ذلك على النحو التالي :
القسم الأول: الوسائط الإعلامية التي يشملها المشروع بالرقابة.
القسم الثاني : آليات الرقابة على الوسائط الإعلامية
القسم الثالث : الآثار العملية المتوقعة من تطبيق هذا القانون
و قد تناول القسم الأول من الدراسة الوسائط التي تناولها مشروع القانون و هي القنوات الفضائية و التي انقسمت إلى ثلاثة أنواع هي القنوات الإخبارية مثل قناة الجزيرة و العربية ، و قنوات دينية ، و قنوات للمنوعات و التي انتشرت بكثرة على الخريطة الفضائية العربية في الفترة الأخيرة بصورة تفوق بشدة القنوات الدينية والإخبارية معا ، فضلا عن البث عبر شبكة الانترنت و المدونات تلك الظاهرة التي انتشرت بشدة على الصعيد السياسي المصري في الفترة الأخيرة .
أما القسم الثاني فقد تناول آليات الرقابة على الوسائط الإعلامية ، حيث أن مشروع القانون قد تضمن جملة من الآليات الرقابية و هي تكوين مجلس أمناء للجهاز من " 16 عضوا منهم 10 من هيئات أمنية و 2 من هيئات حكومية و4 من الخارج "، وبذلك يصبح أمامنا 12 عضوا من الحزب الحاكم و 4 فقط من المستقلين، و بالتالي فمجلس أمناء الجهاز وفقا لهذا التشكيل لا يتوافر فيه أهم شرط يجب أن يتوافر في مثل هذه المجالس، وهو شرط استقلالية أعضائه، فهو يتكون من ممثِّلين للأمن القومي والداخلية والخارجية. كما نص المشروع على إنشاء هيئة حكومية تقوم على تنفيذ بنود هذا القانون وأطلق عليها اسم "الجهاز القومي لتنظيم البث المسموع والمرئي ". و هي تضم أعضاء منتمين إلى وزارة الداخلية و هيئة الدفاع الوطني و المخابرات العامة المصرية . و بالتالي فالنسبة الأكبر من أعضاء هيئة تنظيم البث المسموع والمرئي هما إما من الداخلية - لواءات شرطة- ، أو من هيئة الدفاع الوطني ، و بالتالي فإن تشكيل الهيئة بهذه الطريقة ينفي عنها كونها هيئة مهنية للتنظيم وإنما يؤكد أنها هيئة أمنية للرقابة . و بالتالي نجد أن الهيئة الرقابية بهذا الشكل تجعل من الحكومة هي الخصم والحَكَم في الوقت نفسه ؛ ولذلك كان يجب أن يتشكَّل هذا المجلس من شخصيات مستقلة ومحايدة .
أما الآليات الأخرى للرقابة – كما جاءت في مشروع القانون – هي آلية التبليغ من خلال الإبلاغ على قناة معينة خالفت بنود مشروع القانون ، و آلية التنسيق بين الدول العربية ، و طرح وسائل رادعه متدرجة من "الإنذار إلى وقف البث إلى الحبس " ، و بالتالي فإن مشروع القانون تتضمن فرض عقوبة الحبس و هو أمر يتنافى جملة و تفصيلاً مع الوعد الرئاسي بإلغاء العقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر، و بالتالي كيف في ظل الوعد الرئاسي و كافة المحاولات المبذولة أن يأتي قانون لينص على فرض عقوبة الحبس !!!.
في حين تناول القسم الثالث و الأخير الآثار العملية المتوقعة لإقرار المشروع ، فمن البديهي أن هذا القانون في حالة إقراره و تطبيقه سيفرض جملة من النتائج السلبية على المنظومة الإعلامية في مصر ، فضلا عن تأخرها عن المنظومات الأخرى. الأمر الذي سيجعل من مصر تحتل موقعاً متأخراً في مضمار الإعلام الحر و القوي ، بما يأخر الإعلام المصري ، في عصر بات الإعلام عنصر من عناصر تشكيل الرأي و التأثير على صانع القرار في إطار عملية صنع السياسة العامة للدولة .
و من الآثار السلبية المتوقعة من تطبيق هذا القانون هو التأثير و التحكم في البرامج السياسية ، فالقانون أشتمل على عدد من العبارات الفضافضة و المطاطة و التي وردت في مشروع القانون مثل "تهديد السلم الاجتماعي" ، و تراجع المستوي المهني للقنوات الفضائية ، فضلا عن إغلاق عشرات القنوات، وهو ما يعني ضياع استثمارات بمليارات الجنيهات، فضلاً عن خلق بطالة كبيرة في صفوف الإعلاميين المصريين . فضلا عن التضييق على الإعلاميين والقنوات بوسائل عدة منها المنع من المنبع (أي عدم إعطاء التصاريح بالعمل بداية للقنوات والإذاعات ) حتى الغلق ، و عدم التصريح لهم بجمع المادة والمعلومات من الميدان بالتضييق على المراسلين ومنعهم ، وهروب الاستثمارات الإعلامية من مصر . فالقانون الجديد يمكن أن يؤثر على حجم الضخ الاستثماري الإعلامي الموجه إلى مصر والمناطق الإعلامية الحرة الموجودة في مصر "مدينة الإنتاج الإعلامي "، والمناطق الإعلامية الحرة يجب إلا تخضع حتى للتشريعات القانونية المحلية بحكم أنها منطقة حرة وثقافة الإنتاج الإعلامي في كل دول العالم تعتمد على مفهوم المنطقة الحرة .

ليست هناك تعليقات: